-A +A
تحليل هاني المصري إعداد: عبدالقادر فارس (غزة)
في أعقاب زيارة خالد مشعل لغزة وتأكيده في جميع خطاباته على قرب المصالحة وإنهاء الانقسام، وهو نفس الموقف الذي أكدت عليه أيضا القيادة الفلسطينية في رام الله، باتت إسرائيل قلقة جدا من تداعيات المصالحة الفلسطينية وبدأت الأصوات تتعالى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعودة سياسة الاغتيالات ضد قيادات حماس، حتى أن البعض طالب باغتيال مشعل خلال زيارته لغزة، من أجل إشغال الوضع الداخلي الفلسطيني وعودة دائرة العنف في غزة، واحتمالية اندلاع الانتفاضة الثالثة في الضفة. والسؤال كيف يمكن تجاوز مؤامرات إسرائيل وسرعة الوصول للمصالحة الفلسطينية؟.


السؤال المطروح حاليا في الساحة الفلسطينية: هل أصبحت المصالحة ممكنة فعلا بعد انتصار المقاومة في غزة والحصول على الدولة المراقبة في الأمم المتحدة، وخاصة بعد الزيارة التاريخية لمشعل إلى غزة؟ هذا السؤال طرح نفسه في ظل الأجواء الإيجابية التي انتشرت بعد الوحدة الميدانية التي تجسدت في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتأييد التحرك الفلسطيني في الأمم المتحدة. وانتشرت موجة التفاؤل بعد مواقف خالد مشعل الإيجابية، وما طرحه من مواقف معتدلة جعلت العديد من قادة (فتح) يعتبرون أن هناك إمكانية لأول مرة للاتفاق على برنامج سياسي مشترك يسد النقص الفادح في اتفاقات المصالحة.
لكن الأجواء الإيجابية لم تحجب الواقع الذي يظهر أن الخلافات والعراقيل كبيرة وتهدد الفرصة التي تلوح في الأفق لإنجاز المصالحة، ويعززها أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف الجميع من دون استثناء، ولا تفرق بين «فتح» و«حماس»، ولا بين عباس ومشعل، اللذين تقول إسرائيل إنهما يمارسان الإرهاب، أحدهما «الإرهاب السياسي» والآخر «الإرهاب العسكري»، ومن غير المستبعد وفق ما يصدر من تقارير وتصريحات في إسرائيل أن تقدم تل أبيب على عمليات اغتيال لعدد من القادة، سواء المدنيين أو العسكريين في غزة، من أجل الدخول على خط تعطيل المصالحة، وبذلك تقضي إسرائيل على موجة التفاؤل التي أطلت خلال الأيام الماضية.
وحتى وإن حاولت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الضغط على إسرائيل، والحديث عن ضرورة إجراء محادثات مع حماس، وصرف النظر عن زيارة مشعل لغزة، والمطالبة المتزايدة بإزالة حماس من قائمة المنظمات «الإرهابية» وإزالة هدف إسقاط «حماس» وسلطتها في غزة، لكن على «حماس» أن تفكر جيدا في خطواتها القادمة، ومن ذلك مثلا مغزى رفض زيارة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح تحت طائلة التهديد باغتياله. إذا، المطلوب الآن وفورا التحرك لإنجاز المصالحة قبل فقدان قوة الدفع التي لن تستمر طويلا، خصوصا أن جماعات الانقسام هنا وهناك تغذيه، إضافة إلى عوامل وأطراف عديدة على رأسها إسرائيل، التي ستعمل كل ما في وسعها على منع تحقيق المصالحة.